أم اسماعيل (الفهم والاستيعاب)

1
أم إسماعيل هاجر إبراهيم إلى فلسطين ، ومعه زوجه سارة وخادمتها هاجر، واستاقوا معهم أنعامهم واحتملوا ما يملكون من مال جزيل. وخير جليل، وأقام وسط أهله وعشيرته، وبين الطائفة القليلة التي آمنت به. كانت سارة عقيما لا تلد، وكان يحزنها أن ترى بعلها الوفي يتطلع إلى النسل، وقد أصبحت هي على حال يرجى فيها الولد، فقد بلغت من الكبر عتيا، فأشارت على زوجها أن يدخل بأمتها هاجر؛ وهي الوفية الكريمة المطيعة الأمينة، علها تنجب ولدا تشرق به حياتهما، ويسري عنهما بعض ما يجدان من لوعة الوحدة ومرارة الوحشة، فانصاع لرأيها وخضع لإشارتها. فلما وهبته إياها أنجبت غلامًا زكيًّا، هو إسماعيل، فانتعشت نفس إبراهيم وقرت عينه؛ ولعلَّ سارة شركت إبراهيم في سروره، وشايعته في بهجته، ولكن الغيرة لم تلبث أن دبت في قلبها، بل عصفت بها أعاصيرُ شديدة من الحزن والشجن، أثارهما قلقها و اضطرابها، فحرمت الهدوء والهجوع، وتشعب لبها، وعقدت عليها الكآبة سحابة مطبقة، واًبحت لا تطيق النظر إلى الغلام، ولا تحتمل رؤية هاجر. أما إبراهيم فإنه انحدر من تلك الربوة يثقله الإشفاق والخوف، ويدفعه الإيمان والثقة بالله؛ ولا شك أنه الآن يتحسر جوىً ولوعة، لبعاد فلذة كبده، وفراق حشاشة قلبه، ووداع بكره الذي اكتحلت عيناه به بعد أن اكتمل عمره أو كاد، وكان يصعد الزفرات، ويختنق بالعبرات. ولكن إبراهيم في مكانه من الله، وفي مقامه من النبوة، لابد أن يصبر على البلاء، ويستسلم للقضاء. لذلك سار إلى وطنه، وخلف وراءه وحيده في تلك البقعة النائية، وهو يدعو الله أن يكلأه بعنايته، ويقول: ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾. نبع زمزم: قد امتثلت هاجر للقضاء للمحتوم، وتحلت بالصبر الجميل، ومكثت تأكل من الزاد، وتشرب من الماء، حتى نفدا؛ فخوى بطنها، وعصب ريقها، واحتملت ذلك صابرة. ولم يلبث أن جف ضرعها، وأصبحت لا تجد لبنًا ترضعه الطفل؛ أو ماء يبل صداه. وثقلت عليه وطأة الجوع والعطش؛ فبكى وانتحب، وصرخ وأعول؛ وأمه تتقطع نفسها حسرات، ودموعها تنهمر غزيرات، وودت أن تروي ظمأه بدموعها، وأن ترد عنه غائلة العطش بماء شئونها، ولكن هيهات! حاولت أن تجد لها من مأزقها مخرجاً؛ وكان قذى في عينيها أن ترى ابنها يتلوى، وتتبع نفسه أمامها، فتركته مكانه، وسارت هائمة على وجهها، تعدو وتهرول، وقد هاجها التياع طفلها، وأحزانها بكائه ونحيبه. وأخذت تبحث عن الماء، وتفتش له عن غذاء، حتى قرعت، صفاة الصفا، ثم عادت فزعة لهول مصابها في وحيدها. وسعت نحو سراب حسبته ماء عند المروة، حتى إذا جاءته لم تجده شيئاً، ثم كرت راجعة إلى هدفها الأول، ورجعت ثانية إلى غرضها الثاني، وهكذا سعت سعي المجهود سبعة أشواط. والطفل يصيح ويصخب، يقطع بصوته نياط قلبه، ويحز بعويله في أعماق فؤادها. رحماك يا رب! هذا الطفل جفَّ حلقه حتى عجز عن البكاء، وانقطع عن الغذاء حتى خارت قواه، وخفتت أنفاسه. وهذه أم ترى وحيدها يسلم روحه ويجود بنفسه، وهي لا تجد له معيناً في وحدتها ولا سلوة في مصابها. إنه الآن يفحص الأرض برجليه، ويضرب الصلد بقدميه، عله يرق لحاله إذا قست القلوب، ويلين لاستعطافه إذ عز النصير، وها هو ذا يضرب ويضرب، فإذا الماء قد انبجس من تحت قدميه، وفار من قرع رجليه. رأت رحمة الله تحوطها وعناية ربها تظلها، فجلست خائرة القوى، يقطر العرق من جبينها، وأكبت على الطفل متلهفة، تروي ظمأه، وتبلل بالماء شفتيه فسرها أن ترى الحياة تدب في جسمه، وأن يقبل عليها في لهفة وشوق فتضمه إلى صدرها وتربت عليه بيدها، تكفكف دموعه، وتسري عنه شجونه وأحزانه، حتى إذا اطمأنت على وليدها، وعادت إليها الثقة بنجاته، وعاودها السرور بحياته، ارتوت هي أيضاً، فسرت فيها الحياة وانقشعت تلك السحابة السوداء التي أظلتها زمناً، وذلك بفضل الله وعنايته. هذه العين هي زمزم ولا زالت قائمة يزدحم حولها الحجيج، ويستبق الناس إلى حوضها علهم يفوزون بقطرة أو يرجعون
أ

ما الفكرة الرئيسة التي يدور حولها الموضوع؟

ب

حدد الحقيقة التي وردت في النص :

ج

أين كانت تقيم هاجر قبل زواجها بإبراهيم- عليه السلام؟

د

صف المكان الذي أنزل إبراهيم -عليه السلام- أهله فيه

ه

ما سبب إسكان إبراهيم -عليه السلام- أهله في هذا الوادي؟

و

ما دلالة سعي هاجر بين الصفا والمروة؟

ز

كيف عرف عرب جرهم بوجود ماء في تلك البقعة؟

ح

تفجر الماء من تحت قدمي إسماعيل -عليه السلام. ماهو الموقف الذي تدل عليه العبارة السابقة؟

ط

إلحاح سارة على إبراهيم -عليه السلام- أن يبعد عنها هاجر وابنها. على ماذا يدل تصرف سارة؟

ي

اختر الجملة الصحيحة من بين الجمل الآتية :

ك

عصفت بها أعاصير شديدة من الحزن والشجن. حدد نوع الصورة البيانية في الجملة :

ل

فانتعشت نفس إبراهيم وقرت عينه حدد نوع الصورة البيانية في الجملة :

م

بين نوع المحسن البديعي في العبارتين : (عله يرق لحاله، إذ قست القلوب).

ن

حدد العبارة الأدق بإبراز المعنى :

س

حدد نوع المحسن البديعي في لجملة : يفحص الأرض برجليه ويضرب الصلد بقدميه.

ع

حدد أثر المحسن البديعي في الجملة : فأنست بهم, واطمأنت إلى جوارهم.

آخر الملفات المضافة