نصوص الاستماع عربي تاسع متوسط ف1 #أ. صالح أمين

عرض بكامل الشاشة

البيانات

نصوص الاستماع عربي تاسع متوسط ف1 #أ. صالح أمين

نصوص الاستماع عربي تاسع متوسط ف1 #أ. صالح أمين

الوحدة الأولى

الوقت حياة

كل مفقود عسى أن تسترجعه إلا الوقت، فهو إن ضاع لم يتعلق بعودته أمل، ولذلك كان الوقت أنفس ما يملكه إنسان، وكان على العاقل أن

يستقبل أيامه استقبال الضنين للثروة الرائعة لا يفرط في قليلها بله كثيرها، ويجتهد أن يضع كل شيء مهما ضؤل بموضعه اللائق به. إن عمرك

رأس مالك الضخم، ولسوف تسأل عن إنفاقك منه، وتصرفك فيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل

عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه؟".

والإسلام نظر إلى قيمة الوقت في كثير من أوامره ونواهيه، فعندما جعل الإعراض عن اللغو من معالم الإيمان، كان حكيماً في محاربة طوائف

المتبطلين الذين ينادي بعضهم بعضاً: تعال نقتل الوقت بشيء من التسلية !! وما درى الحمقى أن هذا لعب بالعمر، وأن قتل الوقت على هذا النحو

إهلاك للفرد، وإضاعة للجماعة. إن المسلم الحق يغالي بالوقت مغالاة شديدة، لأن الوت عمره؛ فإذا سمح بضياعه، وترك العوادي تنهبه فهو ينتحر

بهذا المسلك الطائش.إن شأن الناس في الدنيا غريب يلهون والقدر معهم جاد وينسون وكل ذرة من أعمالهم محسوبة.

يَوْمَ  يَبْعَثُهُمْ اللهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسْوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ. والذي يجب أن نعقله أن حياتنا هذه ليست سدى وأن

الله أجل من أن يجعلها كذلك. وإذا انتفعنا بمرور الزمن على خير وجه، سجلنا لنفسنا خلوداً لا يناوشه الزمن بهرم ولا بلى... عند الرفيق الأعلى.


السعادة

( الشر خير عون لنا على معرفة الخير، ولولا الشر ما عرفنا على وجه الحقيقة بوجود الخير). 

هذا معنى الكلام الذي تردده أمه على مسامعه وفي عينيها عبرات منعها الصبر والتجمل أن تسيل، كلما بدأ يتبرم من سوء حاله وفقره، وعدم جرأته

على ارتياد ساحات الأغنياء المحظوظين. كان فيما مضى إنسانًا رقيقنا، نقي السريرة، سريع النكتة. أما الآن أصبح ينوء بهموم عظام انقصم لها

ظهره، وهو يعمل بمشقة، ومع ذلك لا يؤمن قوت يومه، ولولا بعض الدراهم التي كانت تذخرها أمه، لاضطر أن يمد يده إلى غيره ويهرق دم وجهه،

مما جعله يعيش متكدرا وناقما على الحياة.

وفي يوم وهو جالس يفكر، سمع صوتنا هادئنا وإذ بشيخ يغلب عليه الوقار جالس أمامه ويقول له: بني أعلم سبب جلوسك هنا وكل غضب الدنيا في

صدرك، ولكن اسمع ما سأقوله لعلك تجد فيه ما يشفي غليلك. لماذا تفكر دائما في الأشياء التي لا تملكها، ولا تحتاج إليها؟ وفي مقابل ذلك لا

تتعب نفسك ولا ترهق ذهنك بالتفكير في الأمور التي لا تعد ولا تحصى التي تملكها ولا يملكها غيرك ابتسم ابتسامة الحسرة والسخرية، ولسان

حاله يقول: وهل أملك إلا أسباب التعاسة والحزن واليأس ؟ تكلم الشيخ بنبرة فيها من الصرامة والحزم: ألست تنعم بالصحة والعافية؟ وتلك الأعضاء

والجوارح والأعصاب التي تعمل بطريقة نموذجية بدون توقف وهل تحس بها أو تشعر بحركتها الداخلية الدائبة ولولا أنها في أحسن الأحوال لكنت

تتألم من سوء سيرها وعدم انتظام عملها. فأجاب: غيري يتمتع بهذه التي تسميها مزايا وأكثر، وأنا مستعد أن أبادلها ببعض المال والجاه والسلطة.

تكلم الشيخ وفي نبرته الغضب والإشفاق على درجة اليأس التي يصدر عنها مثل هذا الكلام أنا مستعد أن أثبت لك خطأ وجهة نظرك بالملموس، إذا

كنت مصرا على ذلك. رد على العرض بلامبالاة: كل ما أريده هو التخلص من هذه الحياة الظالمة التي لا تقيم للفقراء وزنًا قال الشيخ بثقة وخيبة أمل

ستحصل على كل ما تتمنى وتحب من أموال ومجوهرات طائلة. فما رأيك؟ موافق بكل تأكيد، فهات ما عندك، أو دعني في هذه الحياة أكالبها

وتكالبني حتى الموت. أعطاه الشيخ الأموال والمجوهرات وذهب. ها هي أ أحلامه المستحيلة وأمنياته البعيدة تحققت فلم يعد يرى جوعًا أو ظمأ أو

حرارة أو برودة قط، ولكنه بعد فترة من الزمن مرض، فتوقفت الغدد عن إفراز الريق، فاصبح يجد صعوبة في المضغ والبلع عندما الأكل بسبب غياب

الريق، ولم يعد يستطيع الحديث بشكل مستمر، إذ يجف ريقه قبل أن ينهي الجملة، وأيضا عند النوم؛ بسبب توالي الشهيق والزفير يجف ريقه

وتتصلب عضلات الفم وجهاز التنفس حتى يكاد يختنق، فيضطر إلى تعويض ذلك بشرب الماء أو بعض السوائل الأخرى، فلم يعد يستمتع بطعامه، أو

حديثه، أو حتى نومه، وأصبحت حياته وقفنا على ارتياد الحمام بشكل دائم، ولم يعد يفارق كوب الماء عند كل لقمة أو كلمة أو نومة. اغتم غما شديدًا

وبدأ يفكر في وضعه والألم الذي يلازمه وبعد أن أعياه عسر حاله، أضحى يقضي نهاره في المكان الذي قابل فيه الشيخ لعله يجده فيتراجع عن

الاتفاق، ويعود إلى نعيمه الضائع، ويتخلص من هذا الجحيم المقيم. ولكنه لم يرى الرجل مرة الشارع الذي جلس فيه، فاستيقظ مفزوعا مما أصابه،

حامد الله على نعمة  العظيمة وشاكرًا له

الحظ

من قديم والناس يتجادلون: هل في الدنيا شيء اسمه الحظ ؟ أو هو مجرد وهم وخرافة؟ وقد كنت قرأت قصة لطيفة في ذلك، وهي أن ملكاً ووزيرا

تجادلا مرة في هذا: أي في الحظ! 

فأما الملك فقال: ليس في الدنيا حظ إنما هو سبب ومسبب وعمل ونتيجة، فالتاجر إذا نجح فبجده وبمعرفته

قوانين الاقتصاد، وإذا خاب فبكسله أو إسرافه أو جهله بأصول التجارة والفلاح إذا نجح؛ فلانه جرى على أصول الزراعة، حرث الأرض جيداً وبذر فيها

بذوراً نقية وسقاها في مواعيدها ونقاها مما يعلق بها، وجاره إذا خابت زراعته؛ فلأنه لم يتبع هذه القوانين 

الوزير ولكن هناك أمثلة أعقد من هذه قد نجد فلاحين زرعا أرضهما في ميعاد واحد وبعناية واحدة وتربة الأرض واحدة والبذور من نوع واحد وكل

شيء واحد، ثم نجحت زراعة أحدهما ولم تنجح زراعة الآخر، لا لشيء إلا الحظ!

رد الملك قائلاً حتى ولا هذه - فلا بد أن يكون هناك سبب، كأن تكون بذور أحدهما مبخرة والأخرى غير مبخرة، أو تكون في السماد الذي سمد به

الثاني أرضه ميكروبات سببت فساد زراعته - وأكثر ما يمكن أن يقال أنه قد يكون هناك قوانين لم تستكشف بعد، بسببها نجحت زراعة أحدهما وفشلت

زراعة الآخر، فالمسألة ليست مسألة حظ، ولكن مسألة قوانين طبيعية بعضها غرف وبعضها لم يُعرف، والناس يأتون فيسمون هذه القوانين التي لم

تعرف حظا!

 الوزير فما قول مولاي الملك في شابين نزلا يستحمان في البحر فغرق من يعرف العوم ونجا من لا يعرف؟

 الملك: لابد أيضاً من سبب، فقد يكون من غرق لأن قلبه وقف، أو لأنه نزل البحر على امتلاء أو نحو ذلك من أسباب

انتهت الحكاية ويعلق الكاتب أحمد أمين وفي الحق أن الدنيا حظا وأنه أكثر قدرًا من الماس في حمص، فهذا يرزق الذكاء، وهذا يرزق الغباء. وأجلس

في " المترو" في المقعد الضيق ويركب الناس القطارات فتوزع الأرزاق أشكالاً وألوانا، هذا محظوظ في مكانه، وهذا منحوس في جيرانه.

أنا مع الوزير ومع الملك في وجهة نظرهما مع الوزير في أن في الدنيا حظاً وفي الدنيا أموراً لا يفسرها قانون السببية، ومع الملك في أن الحظ لا

يصح أن يعتمد عليه في الحياة، فلا يـ يصح للفلاح أن يعتمد في زراعته على الحظ، وكذلك التاجر في تجارته، والطالب في دراسته، والصانع في

صناعته، والأمة في مصيرها أو في تسيير شؤونها.

لكل إنسان دائرتان في الحياة دائرة العمل وهذه ينبغي أن يعتمد فيها على قانون السبب والمسبب، والارتكان فيها على الحظ أو القدر أو نحو ذلك

من الأسماء خطأ أي خطأ، فإذا بذل الإنسان أقصى جهده في عمله، فهناك الدائرة الأخرى التي ليست في يدنا، وإنما هي في يد القدر، ولتكن ما

تكون بعد أن يكون الإنسان قد أرضى ضميره ببذل ما في وسعه.

الوحدة الثانية

إنسان أبني الأوطان

هل فكرت يوما في مجتمعك؟ بأمور تحبها وتتمنى استمرارها فيه، أو بأخرى تريد تغييرها؟ اعلم أنك أساس تكوين المجتمع واستقراره وتطوره،

وعليك أن تكون أكثر فعالية وتأثيرا لتحافظ على مكتسباته وتغيره للأفضل.

والسؤال هنا كيف تزيد من تأثيرك وفعاليتك داخل مجتمعك؟

يتحدث د. ستيفن كوفي مؤلف كتاب “العادات السبع للناس الأكثر فعالية" والذي بيعت منه أكثر من ١٥ مليون نسخة عن عادات تؤهلك لزيادة فعاليتك

داخل مجتمعك، نحن هنا نتحدث عن اكتساب عادات تترسخ في شخصيتك وتنعكس على أفعالك ، لا ممارسات وقتية، لأن العادات هي التي ستنعكس

على جميع تصرفاتك مع من حولك وهذا ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى إكسابك صفة الفاعلية التي يدعو إليها الكاتب من ضمن هذه العادات

1 - كن مبادرا وسباقا خذ أنت زمام الأمور اصنع ظروفك بنفسك لتتناسب مع أهدافك، ولا تكن ممن تتحكم ظروف الأخرين فيهم وفي قراراتهم.

2- افهم الآخرين أولا كي يسهل فهمك فالطبيب يقوم بسماع المريض وتشخيص حالته أولا قبل وصف العلاج الإنصات للآخرين وفهمهم يسهم في

بناء علاقات شخصية متينة معهم، ما يجعلك أكثر تأثيرا.

3-تعاون مع الآخرين لتحقيق أفضل المكاسب : ابحث عن نقاط القوة فيمن حولك وتأكد من استغلاها بأفضل صورة لتحقيق أسمى المكاسب ولا

تعتمد على مهاراتك وقدراتك فقط مهما كثرت فستظل محدودة إذا ما قارناها بمهارات وقدرات الفريق.

وابذل مجهودا أكبر ، اكتسب عادات جديدة، وكن أنت التغيير الذي تريد أن تراه.


العلاقات الإنسانية في الإسلام

جعل الله تعالى للإنسان شبكة من العلاقات المتداخلة والمترابطة بقدر تعدد علاقات الفرد بمن حوله، سواء كانت عائلته أم أصحابه أم جيرانه أم أفراد

مجتمعه، والتي تجتمع في النهاية في ثلاث شعب عامة؛ بحيث تحوي كل شعبة منها مجموعة أخرى من العلاقات والآداب الفرعية المتداخلة

والمتشابكة مع غيرها في الشعب الأخرى: 

1-علاقة الفرد بربه تعالى( اتق الله حيثما كنت)

2-علاقة الفرد بنفسه (وأتبع السيئة الحسنة تمحها).

3- علاقة الفرد بمجتمعه (وخالق الناس بخلق حسن)

وهذه الشعبة هي : مناط حديثنا في السطور التالية؛ حيث يعد من أبرز العلاقات الإنسانية التي أقرها الإسلام في هذا السياق، وتتعدد مظاهر

هذه العلاقة ولعلنا نكتفي منها ببعض ما يخدمنا مثلاً: التعارف وهو أول طريق للتعامل الإنساني الإيجابي والبناء؛ فبالتعرف على الآخر من حيث

شخصيته وطباعه وميوله وما يحب وما يكره يتم التواصل الفعال والمثمرة فلكل شخصية مفتاح ومدخل يختلف عن غيرها.

وحسن الخلق جاءت آيات القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية المشرفة قولاً وعملاً وتقريزا - مؤكدة على حسن الخلق الذي يعد ضمانة حقيقية

لمجتمع صالح ومترابط برباط وثيق من العلاقات الإنسانية الحميدة؛ فحسن الخلق هو ملاك كل العلاقات الإنسانية الإيجابية؛ فهو السور الكبير الذي

يضم بين جنباته كل هذه العلاقات البناءة. التراحم والتعاطف من معالم ديننا الحنيف أنه دين الرحمة والعطف؛ فالله عز وجل هو الرحمن الرحيم،

ورسوله صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين رؤوف رحيم، وقد تعدت رحمة الإسلام بني البشر لتنال الحيوان فهاهو الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم

- يخبرنا بأن الله عز وجل غفر لرجل لأنه سقى كلبا كان قد بلغ به العطش مبلغا كبيرًا، وفي المقابل دخلت امرأة النار في هرة حبستها. فما دام هذه

الرحمة بالحيوان فما بالنا بالإنسان؟! ومجتمع المؤمنين هو الذي تسوده أسمى العلاقات الإنسانية التي ذكرها الحبيب صلى الله عليه وسلم  - في

قوله: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". والتعاون من

العلاقات الإنسانية الراقية التي أمر بها الإسلام وحض عليها التعاون على البر والتقوى؛ ذلك أن الفرد ضعيف بنفسه قوي بغيره، ولذلك جاء التوجيه

القرآني صريحًا بالتعاون على البر والتقوى في قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البز والتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ

شَدِيدُ الْعِقَاب ، وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم  - على ذلك في الكثير من الأحاديث الشريفة، ومارس ذلك بصورة عملية مع أصحابه في

العديد من المواقف التي وردت في كتب السير

الوحدة الثالثة

بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم وفصاحته

نشا رسول الله -صلى الله عليه وسلم  - في قريش، وقريش خلاصة العرب، وتفصح في بني سعد بهوازن، و هوزان من أفصح العرب، وهو أمي من

أمة أمية، لم يقرأ كتابًا، ولم يدرس علما، ولم يصحب عالمًا ولا معلمًا أوتي صلى الله عليه وسلم الحكمة البالغة، وأذهل من إتقان ما آبان وإحكام ما

ظهر، وبهر العقول، وتلقته الأفئدة بالقبول، وأخذته بالارتياح، وأصغت إليه بالإعجاب والإكبار، وهو يخاطب الوجدان، ويهز الضمير، ويوقظ العقل،

ويلامس الإحساس وينبه الوعي والإدراك.. فإذا وعظ - صلى الله عليه وسلم - أثر في قلوب السامعين، وطيب نفوسهم، حتى إنهم لتذرف دموعهم،

وترق وتخشع قلوبهم، فجمع صلى الله عليه وسلم من الكلام رونق الحضارة، وجزالة البداوة، وحلو المنطق وحسن الترتيل كلامه فصل لا نزر له نزه

الله عز وجل منطقه من كل عيوب الكلام.

وكل من درس السنة المشرفة، والسيرة العطرة تجلى له هذا الأمر تمام التجلي وظهر له عيان الظهور، فجوامع كلمه المأثور التي لا توازيها

فصاحة، ولا تباريها بلاغة تنادي وتشهد على ذلك الألوان والتنوع الكثير في محطات حياته -صلى الله عليه وسلم  - حاكمًا، ومعلمًا، وخطيبًا، وقاضيا

ومربيا، وفي وجوده بين أسرته وبين أصحابه وكيفية تعامله مع خصومه وأعدائه، فتنوع كلامه -صلى الله عليه وسلم - في هذه الأحوال قد أخذ

المراتب السامية في البيان وكل ذلك يجعله من مميزات خصائص شخصه - صلى الله عليه وسلم العظيم الذي عُدْ به مثلا عاليا وأسوة صالحة

للعالمين.

انظر إلى بلاغة الرسول -صلى الله عليه وسلم  - في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى

الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال : أمك قال: ثم من؟ قال : أمك، قال: ثم من؟ قال : أمك، قال: ثم من؟

قال : أبوك". فكلمة أمك تكررت ثلاث مرات، وهذا ما يؤكد عظم منزلة الأم وأهميتها في حياة الأبناء، ويلزم الأبناء أداء الواجب نحوها، اعترافًا

،بجميلها، وردًا لمعروفها ، وقال : ثم أبوك اقترن الحرف (ثم) الذي يدل على التراخي.

أيها الأبناء، إن فصاحة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبلاغته، وحسن بيانه تدخل فيما يطلب الاقتداء به فيها؛ فإن دراسة الأحاديث الشريفة

والبلاغة، ومطالعة منشأت البلغاء والتمرين على الخطابة - كل ذلك مما ينهض بالناشئين إلى أن يكونوا فصحاء بلغاء؛ حتى إذا تصدوا لبيان حق، أو

دعوة إلى خير استطاعوا أن يسترعوا الأسماع، ويأخذوا بالقلوب.

حضن العروبة

إن حب الوطن يكمن في الولاء له، وفي خدمته والإسهام في بنائه والمحافظة عليه من الأعداء، والذين يحبون الوطن يؤدون واجبه أداء كاملاً كما

يطالبون بحقوقه كل المطالبة. وخير شاهد على ذلك، حينما انضمت دولة الكويت لجامعة الدول العربية عام 1961 م، ساهمت الكويت في إنشاء

صندوق التنمية الاقتصادي، وعكفت على دعم كل ما من شأنه تعزيز اللحمة العربية سواء داخل أروقة الجامعة أو خارجها، وحرصت منذ اللحظات

الأولى لانضمامها على أن تكون جزءا لا يتجزأ من الكيان العربي، كما إنها احتضنت قضايا الأمة العربية، ودعمت قضية العرب الأولى القضية

الفلسطينية.

وفي عهد صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح - حفظه الله - تحولت الكويت في فترة وجيزة مصنعًا للقرارات العربية والمواقف

الدولية، وأصبحت الكويت منارة يحتذى بها في دعم الجهود لتوحيد الصف العربي ونبذ الخلافات، وجسرًا لمد يد العون والمساعدة للدول الشقيقة،

وتوجت الكويت مركزا للعمل الإنساني، وذلك بفضل حنكة صاحب السمو السياسية وخبرته الواسعة في مجال السياسة الخارجية، وقيادته الحكيمة،

وأرائه السديدة، وإسهاماته الناجحة في حفظ الحقوق ورفع راية السلام والوقوف صفا واحدًا لمواجهة التحديات في تكاتف وتآزر عملاً بقول رسولنا

الكريم صلى الله عليه وسلم  " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطَفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذا اشتكى مِنْهُ عُضْقَ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بالسهر

والحمى . ستظل الكويت رمزًا للدولة التي تؤمن بالعروبة منهجا وسلوكًا، وستظل الكويت حضنا دافنا للعروبة، وستبقى أمجادها خالدة مدى الدهر.


فصول السنة

حضر فصول العام مجلس الأدب في يوم بلغ منه الأديب نهاية الأرب بمشهد من ذوي البلاغة. وملتقى صناعة الصياغة. فقام كل منهم يعرف عن

نفسه ويفتخر على أبناء جنسه. 

فقال الربيع: أنا شاب الزمان أنا حياة النفوس ونزهة الأبصار ومنطق الأطيار. وأيامي أعياد ومواسم. فيها يظهر النبات. وتفيض عيون الأنهار. ويعتدل

الليل والنهار. كم لي عقد منظوم وحلة فاخرة وحلية ظاهرة.. بي تحمر من الورد خدوده وتهتز من البان قدوده. ويخضر عذار الريحان وتخرج الخبايا من

الزوايا. وتغنى فيني الشعراء.

 وقال الصيف: أنا الخل الموافق والصديق الصادق والطبيب الحاذق. أجتهد في مصلحة الأصحاب. وأرفع عنهم كلفة حمل الثياب وأخفف أثقالهم.

وأوفر أموالهم. وأكفيهم المؤونة. وأجزل لهم المعونة. وأغنيهم عن شراء الفرا. وأحقق عندهم أن كل الصيد في جوف الفرا. بي تنضج من الفواكه

المادة. ويقوى قلب اللوز ويذهب عرف السفرجل مع هبوب الرياح وتسود عيون الزيتون وتخلق تيجان النارنج والليمون ومواعدي منقودة وموائدي

ممدودة الخير موجود في مقامي. والرزق مقسوم في أيامي. وتغنى فيني الشعراء.

وقال الخريف وأنا أيضا تغنى فيني الشعراء. فأنا سائق الغيوم وكاسر جيش الغموم. وهازم أحزاب السموم وحادي نجائب السحائب أنا أصد الصدى

وأجود بالندى في أيامي تقطف الثمار. وتصفو الأنهار من الأكدار ويترقرق دمع العيون ويتلون ورق الغصون. ويتساوى في لذة الماء الخاص والعام.

وتقدم الأطيار مطربة بنشيشها رافلة في الملابس المجددة في ريشها. بي تطيب الأوقات. وترق النسمات وتكثر أنواع المطعوم. كم لي من شجرة

أكلها دائم. وحملها للنفع المتعدي لازم وورقها غير زائل وقدود أغصانها تخجل كل رمح ذابل.

وقال الشتاء: أنا شيخ الجماعة ورب البضاعة والمقابل بالسمع والطاعة. أجمع شمل الأصحاب. وأسبل عليهم الحجاب وأتحفهم بالطعام. ومن ليس له

بي طاقة أغلق من دونه الباب. أميل إلى الفراء المستمسك من الدثار بأوثق العرى ثمار إحساني دانية القطوف وديمة تطرب السمع بصوتها. وحيا

يحيي الأرض بعد موتها. أيامي وجيزة. وأوقاتي عزيزة ومجالسي معمورة بالخير والسعادة نقلها يأتي من أنواعه بالعجب. ومناقلها تسمح بذهب

اللهب. وتغنى فيني الشعراء

فلما نظم كل منهم سلك مقاله وفرغ من الكلام على شرح حاله. وتجاذبوا أطراف مطارف الثناء والشكر. وظهرت أسرار السرور وانشرحت صدور

الصدور وهبت نسمات قبول الإقبال. ثم انفض المجلس وحل النطاق. وتفرق شمل أهله وآخر الصحبة الفراق. وكل فصل فصول السنة برأيه هو

الأفضل فإذا استمر فصل واحد بمكان حل الدمار، فعند تأملنا واقع الإنسان وجدنا مثلاً: الشتاء مصدر الضرر لأماكن ومصدر الخير لأماكن أخرى وكذلك

الصيف والخريف والربيع فلا غنى لنا عن جميع الفصول.


عادات الكويتيين في مجالسهم

يسمى المجلس الذي يقابل فيه زائريه أو يدعو إليه أصحابه ( ديوانا ) ويكون في جناح الحرم فيه حجرة أمامها بهو في أحد جوانبه ( إيوان ) للصيف،

وفي صدر الحجرة صفت آلات القهوة والشاي وقماقم الورد ومجامر العود صفا متقنا. 

أما الموقد الذي تصنع فيه القهوة فهو حفرة مجوفة مربعة على حافتيها مجلسان صغيران أقيم لكل واحد ( متكأ ) ( جدار صغير )أحدهما يجلس فيه

رب البيت بنفسه والزائر الوجيه والثاني لصانع القهوة وأحيانا يوجد خلف المجلس الأخير أو عن يساره مخزن للحطب ومجموع آلات القهوة يسمى (

دلال ) جمع ( دلة ) ، و(معاميل) وهي مؤلفة من أباريق عدة مستوية أشكالها في حين اختلافها في الحجم والأسماء فمنها: ( المصب ) وهو الذي

تسكب منه القهوة للشاربين( اللقمة ) وهي التي تطبخ فيها ، وقد يوجد في المجلس من كل نوع عدة، ومن تلك الأباريق ما يصنع في نفس

الكويت ومنها ما يجلب إليها من الخارج، وتسمى آلات الشرب ( فناجيل ) تحريف ( فناجين ) والمفرد ( فنجان ) وهي من الكاسات الصغيرة وليس من

العادة المتبعة أن يملأ الفنجان كما يوجد في بعض الجهات وهناك ( المحماس) وهو الذي تقلى فيه القهوة على النار ثم تدق في ( الهاون ) وهو

قالب من الحديد مجوف. 

وللقهوة أهمية لا عند الكويتيين وحسب بل عند جميع أهل الخليج وأهل نجد والإحساء واليمن بحيث لا يتم إكرام الزائر بدون تقديمها مهما قدم له

من لذيذ المآكل والمشارب، ومن هنا كثرت أشعارهم في مدحها والتشبيب بها.

وكان الطبيب الرازي الذي عاش في القرن العاشر للهجرة أول من ذكر البن والبنشام في كتابه "الحاوي". وكان المقصود بهاتين الكلمتين ثمرة البن

والمشروب. وفي كتاب "القانون في الطب" لابن سينا الذي عاش في القرن الحادي عشر، يذكر البن والبنشام في لائحة أدوية تضم ٧٦٠ دواء.

شارك الملف

آخر الملفات المضافة

حل الكتب هنا