مذكرة درس (غربة وحنين) عربي حادي عشر ف1 #د. سعد المكاوي 2022 2023
_ قصيدة ( غربة حنين )
- الجو العام للقصيدة:
_ نفى محمود سامي البارودي إلى سرنديب ( سيلان ) و قضى بها سبعة عشر عاما بعيدا عن مصر عانى فيها مرارة الغربة و الحنين إلى وطنه و أهله ، و أبدع فيها أروع أشعاره ، فكتب هذه القصيدة التي جاءت تعبيرا عن تجربة ذاتية نابضة بالصدق الشعوري و حرارة العاطفة.
- النص :
هَلْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَاءِ الْحُبِّ أَوْ رَاقِي يَشْفِي عَلِيلاً أَخَا حُزْنٍ وَ إِيرَاقِ
قَدْ كَانَ أَبْقَى الْهَوَى مِنْ مُهْجَتِي رَمَقاً حَتَّى جَرَى الْبَيْنُ فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَاقِي
حُزْنٌ بَرَانِي وَأَشْوَاقٌ رَعَتْ كَبِدِي يَا وَيْحَ نَفْسِيَ مِنْ حُزْنٍ وَأَشْوَاقِ
أُكَلِّفُ النَّفْسَ صَبْرَاً وَهْيَ جَازِعَةٌ وَالصَّبْرُ فِي الحُبِّ أَعْيَا كُلَّ مُشْتَاقِ
لا فِي سَرَنْدِيبَ لِي خِلٌّ أَلُوذُ بِهِ وَلا أَنِيسٌ سِوَى هَمِّي وَإِطْرَاقِي
أَبِيتُ أَرْعَى نُجُومَ اللَّيْلِ مُرْتَفِقَاً فِي قُنَّةٍ عَزَّ مَرْقَاهَا عَلَى الرَّاقِي
تَقَلَّدَتْ مِنْ جُمَانِ الشَّهْبِ مِنْطَقَةً مَعْقُودَةً بِوِشَاحٍ غَيْرِ مِقْلاقِ
كَأَنَّ نَجْمَ الثُّرَيَّا وَهْوَ مُضْطَرِبٌ دُونَ الْهِلالِ سِرَاجٌ لاحَ فِي طَاقِ
يَا رَوْضَةَ النِّيلِ لا مَسَّتْكِ بَائِقَةٌ وَلا عَدَتْكِ سَمَاءٌ ذَاتُ أَغْدَاقِ
وَلا بَرِحْتِ مِنَ الأَوْرَاقِ فِي حُلَلٍ مِنْ سُنْدُسٍ عَبْقَرِيِّ الْوَشْيِ بَرَّاقِ
يَا حَبَّذَا نَسَمٌ مِنْ جَوِّهَا عَبِقٌ يَسْرِي عَلَى جَدْوَلٍ بِالْمَاءِ دَفَّاقِ
بَلْ حَبَّذَا دَوْحَةٌ تَدْعُو الْهَدِيلَ بِهَا عِنْدَ الصَّبَاحِ قَمَارِيٌّ بِأَطْوَاقِ
مَرْعَى جِيَادِي ومَأْوَى جِيرَتِي وَ حِمَى قَوْمِي وَ مَنْبِتُ آدَابِي وَأَعْرَاقِي
أَصْبُو إِلَيْهَا عَلَى بُعْدٍ وَيُعْجِبُنِي أَنِّي أَعِيشُ بِهَا فِي ثَوْبِ إِمْلاقِ
وَكَيْفَ أَنْسَى دِيَارَاً قَدْ تَرَكْتُ بِهَا أَهْلاً كِرَاماً لَهُمْ وُ دِّي وَإِشْفَاقِي
إِذَا تَذَكَّرْتُ أَيَّامَاً بِهِمْ سَلَفَتْ تَحَدَّرَتْ بِغُرُوبِ الدَّمْعِ آمَاقِي
فَيَا بَرِيدَ الصَّبَا بَلِّغْ ذَوِي رَحِمِي أَنِّي مُقِيمٌ عَلَى عَهْدِي وَ مِيثَاقِي
- شرح الأبيات :
هَلْ مِنْ طَبِيبٍ لِدَاءِ الْحُبِّ أَوْ رَاقِي يَشْفِي عَلِيلاً أَخَا حُزْنٍ وَإِيرَاقِ
_ يشكو الشاعر ما أصابه من العلة و المرض ، و الحزن و الهم ، بسبب ما يستشعره من الوجد و الحب و شدة الحنين إلى وطنه و أهله ، و يتمنى أن يجد طبيبا يشفيه ، أو راقيا يرقيه.
قَدْ كَانَ أَبْقَى الْهَوَى مِنْ مُهْجَتِي رَمَقاً حَتَّى جَرَى الْبَيْنُ فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَاقِي
_ يقول إن الهوى قد أثر فيه ، و لم يبق من روحه غير بقية ضئيلة ، فلما فارق أهله و وطنه ذهب الفراق بما بقي من منها ، و اشتد عليه الأمر ، حتى أشرف على الموت و الهلاك.
حُزْنٌ بَرَانِي وَأَشْوَاقٌ رَعَتْ كَبِدِي يَا وَيْحَ نَفْسِيَ مِنْ حُزْنٍ وَأَشْوَاقِ
_ الشاعر يصف ما يصيبه في غربته و منفاه من حزن و ضيق ، وهم شديد ، و شوق كبير ، و يترحم على نفسه و يتوجع ، و يرجو الخلاص مما يعانيه.
أُكَلِّفُ النَّفْسَ صَبْرَاً وَ هْيَ جَازِعَةٌ وَالصَّبْرُ فِي الحُبِّ أَعْيَا كُلَّ مُشْتَاقِ
_ إنه يأمر نفسه بما يشق عليها ، و يحملها على ما يرهقها من الصبر و هي في جزع و حزن شديد ، وهم دائم ، و لا عجب فهو محب مشتاق.
لا فِي سَرَنْدِيبَ لِي خِلٌّ أَلُوذُ بِهِ وَلا أَنِيسٌ سِوَى هَمِّي وَإِطْرَاقِي
_ و يشكو ما يعانيه في الغربة و المنفى من الانفراد و الوحدة و الهم و الملل ، و كثرة الإطراق و التفكير و فقدان الخليل.
أَبِيتُ أَرْعَى نُجُومَ اللَّيْلِ مُرْتَفِقَاً فِي قُنَّةٍ عَزَّ مَرْقَاهَا عَلَى الرَّاقِي
_ إنه يقضي ليله مرتفقا يراقب النجوم بغرفة ضيقة بأعلى جبل صعب المرتقى
يَا رَوْضَةَ النِّيلِ لا مَسَّتْكِ بَائِقَةٌ وَلا عَدَتْكِ سَمَاءٌ ذَاتُ أَغْدَاقِ
_ يدعو الشاعر لمصر بالسقيا – على عادة الشعراء العرب – و السلامة من الآفات و البوائق.
وَ لا بَرِحْتِ مِنَ الأَوْرَاقِ فِي حُلَلٍ مِنْ سُنْدُسٍ عَبْقَرِيِّ الْوَشْيِ بَرَّاقِ
_ و يدعو الشاعر لمصر بأن تظل أشجارها مكتسية بالأوراق النضيرة و الأزهار الباسمة.
يَا حَبَّذَا نَسَمٌ مِنْ جَوِّهَا عَبِقٌ يَسْرِي عَلَى جَدْوَلٍ بِالْمَاءِ دَفَّاقِ
_ يمدح الشاعر نسيم مصر الجميل و هواءها العليل ، و المطيب بعبير الزهر و الشجر ، و يشير إلى امتلاء جداولها و فيضان أنهارها و غزارة مياهها ، و كثرة خصبها و خيرها.
بَلْ حَبَّذَا دَوْحَةٌ تَدْعُو الْهَدِيلَ بِهَا عِنْدَ الصَّبَاحِ قَمَارِيٌّ بِأَطْوَاقِ
_ يتغنى الشاعر بأدواح مصر و أشجارها و طرب الحمائم فوقها وقت الصباح.
مَرْعَى جِيَادِي ومَأْوَى جِيرَتِي وَ حِمَى قَوْمِي وَ مَنْبِتُ آدَابِي وَأَعْرَاقِي
_ و لم لا يحب مصر و هي مرعى جياده و مأوى جيرانه و حمى قومه ، و منها اكتسب فضائله و فيها نبتت أصوله و عاش آباؤه.
أَصْبُو إِلَيْهَا عَلَى بُعْدٍ وَيُعْجِبُنِي أَنِّي أَعِيشُ بِهَا فِي ثَوْبِ إِمْلاقِ
_ إنه يحن إلى روضة النيل على الرغم من هذا البعد ، أو هو يصبو إليها بسبب بعده عنها و يسره أن يعيش بها حتى لو كان فقيرا معدما.
وَكَيْفَ أَنْسَى دِيَارَاً قَدْ تَرَكْتُ بِهَا أَهْلاً كِرَاماً لَهُمْ وُ دِّي وَإِشْفَاقِي
_ كيف ينسى وطنه الذي تركه و ترك به أهله.
إِذَا تَذَكَّرْتُ أَيَّامَاً بِهِمْ سَلَفَتْ تَحَدَّرَتْ بِغُرُوبِ الدَّمْعِ آمَاقِي
_ إذا تذكرت أيام اجتماعي بأهلي فيما مضى من الزمان غلبني البكاء ، و فاضت الدموع.
فَيَا بَرِيدَ الصَّبَا بَلِّغْ ذَوِي رَحِمِي أَنِّي مُقِيمٌ عَلَى عَهْدِي وَ مِيثَاقِي
_ لقد اتخذ رياح الصبا بريدا و رسولا حتى تبلغ أقاربه و أهله أنه و في بالعهد و الميثاق ، مقيم على مودتهم و الوفاء لهم.
- تمهيد
_ الفكرة الرئيسة للنص :
الشوق و الحنين للأوطان لا يجاريه شعور
_ من الفكر الجزئية :
1 - فراق الأهل يفضي إلى الموت و الهلاك.
2 - إنما الصبر بالتصبر.
3 - الشاعر يدعو لمصر بالسلامة من الآفات و العوائق و بدوام العز و الرخاء.
4 - الشاعر يشكو من طول الغربة و قسوتها و مدى شوقه لأهله.
5 - الشاعر يتجمل بالصبر ليتغلب على ألم الغربة.
6 - تذكر الأهل و الأحباب يثير في النفس مشاعر الحزن و الألم.
_ أبرز المشاعر و الإحساسات في هذا النص :
1 - حب الشاعر لوطنه و تعلقه به ، و شدة شوقه إليه.
2 - الشعور ب الأسى و الحزن و الألم و هو بعيد عن موطنه و أسرته و أحبائه.
3 - الشعور بالحسرة الشديدة لعجزه عن العودة لأهله.
4 - الإعجاب بجمال وطنه و طبيعته الخلابة.
_ تشيع في النص مشاعر الحزن و الألم و الحنين ، اختر لكل شعور منها بيتاً يبرزه !
- شعور الحزن: حزن بارني وأشواق رعت كبدي يا ويح نفسي من حزن وأشواق
- شعور الألم: أكلف النفس صبرا و هي جازعة و الصبر في الحب أعيا كل مشتاق
- شعور الحنين: هل من طبيب لداء الحب أو راق يشفي عليلا أخا حزن وإيراق
_ من القيم المستفادة من هذا النص :
- الانتماء للوطن ( البيت الأول )
- الدعاء له بالخير ( البيت السابع و الثامن )
- الصبر و التصبر : ( البيت الرابع )
- الاعتزاز بالجوار : ( البيت الحادي عشر )
- الوفاء و الإخلاص ( البيت الأخير )
